أبداً لا أقصد أن أكون موقع الدفاع عن سياسة هذه الدوله !! لا بل أرغب في أن أستوضح ما لم يتوّضح منذ ذلك الحين.. أقصد بذلك, اذا كنّا جميعاً نعلم مصدر سبب هذه الخلافات وما زلنا نُعطيها الشرعيّة في التوسّع والانتقال من بلدة الى أُخرى ! لماذا ندّعي الحكمة في فهم ما يدور حولنا من سياسات ومحاولات لزرع الفِتَن ؟ ولماذا يمّر الوقت بعقوده دون أن نتعلّم من أخطائنا ونستبق الحلول الاحتياطيّة اللاّزمة قبل أن تمرّ ستّة عقود أخرى؟
هلّ هي فعلاً سياسة "فرّق تسُد" ؟ أم ضاق بنا الحال وانعكس على سلوكنا وأخلاقيّاتنا ؟ وهلّ كلّ ما يحدُث لنا في قُرانا ومُدننا هو محاولة لعرض عضلات لتأكيد وجود كيان معيّن لفئة مُعيّنه في دولة لا تُعيرنا اهتماماً خاّصاً ؟ أم لأننا لا نستطيع تفريغ قهرنا على القاهر ,فنقوم باستضعاف بعضنا البعض ؟العديد العديد من الأسئلة التي جميعنا باختلاف الأجيال والبلدات والطوائف, نطرحها ونحصل على اجابات أحياناً دقيقة وأحياناً أُخرى صائبة ومنطقيّة , ولكن !!!!!
يا تُرى , ما هي نتائج الاجتماعات والمساعي الحثيثة التي قاموا بها رجال الدين ممّثلي الديانات المُختلفة في البلاد لفتح قنوات اتصّال وحوار بين الأديان ؟ وأين هي المُخططّات في التوجيه والتثقيف السياسي التي بادر اليها القادة السياسيين ؟ ما هو رّد فعل رجال ونساء المجتمع والتربيّة بعد العمل الجدّي والقيّم لوضع وتفعيل البرامج التربويّة التي لا حصر لعددها ؟
ما الذي يحدُث بحّق السماء ؟! بدلاً أن تكون كلّ المخططّات رادعاً حصيناً , نرى أنّ الأمر يزداد تفاقماً لا بل يزداد خطراً .المسألة التي تجعل جميعنا نضع علامة سؤال قبل وبعد كلّ سؤال, وانتظار الاجابات .. أين هي الحلقة المفقودة التي لم يجدها أحد من المسؤولين في جميع المؤسسّات والجمعيّات على اختلاف أهدافها مبادئها ونشاطاتها ؟ أين هي اليّد الخفيّة التي تضرب كلّ البرامج ضربة شرسة وتجعلها في مهّب الريح ؟
أخشى أن نكون قد فقدنا القدرة على ايجاد حُلول ! هل ما زال في جعبتنا حلولاً أخرى بديلة تُمكننّا من أن نتخطّى كل ما نمّر به من أزمات حتّى لو كانت مُفتعلة وهادفه ؟ هل هنالك جهة مسؤولة تُطمئننا ؟ مع أنّه بدا واضحاً في الفترة الأخيرة أنّ المسألة لم تعُد تقتصر على السياسات المُتبعّة المعهودة, لا بل أصبحنا نتناقل عدوى انفلونزا الأخلاق التي فتكت بقيّمنا ومعاييرنا الدينيّة والاجتماعيّة على حدٍ سواء . ومن الطبيعي أنّ ما نُعانيه في المُحيط القريب يَخرُج الى حيّز المُحيط الأبعد . أعترف أنني حائرة وقلقة في هذه الأيام , وذلك لكوني أحد الأشخاص المُتابعين عن كثب للعديد من البرامج التي تمّ طرحها وتطبيقها من قبَل جهات كثيرة في هذا السِياق, وأعتبرها برامج أكثر من ممتازة . ولا شكّ أنّني ما زلتُ مُتمسكة كالكثيرين في أنّ المسؤوليّة ما زالت تُلقى على كاهل الأباء والأمهّات, مربيّن/ات وسياسيين/ات, وذلك في نزع واستئصال سرطان الأنانيّة القبليّة عند أبناء الجيل الصاعد من شبيبتنا, قبل أن تتفشى أكثر . بل وعلينا الاستمرار في خلق برامج تسهم في توجيههم نحو التكاتل الجماعي ومنحهم الفُرصة بأن يروا أنفسهم الشعب الأفضل المُحبّ والمعطاء بعيداً عن التمسّك بالطائفيّة أو العرقيّة والعائليّة الى حدّ التطرّف . بطبيعتي أنا شخصٌ مُتفائلٌ كثيراً , ولكني واقعيّة أكثر ., والواقع الذي نعيشه منذ سنوات, يكشف أنّ ظاهرة من هذا النوع هي أكثر الظواهر التي تقّض مضاجعنا باختلاف انتماءاتنا . وما يزيد قلقي هو التمحور حول الاعتقاد السائد في أنّ السياسة هي السبب ! ومع أنّي لا أعارض ما يُقال لأنّ البراهين بين أيدينا على ذلك , ولكن ,يا أعزّائي : أتوافقونني الرأي على أنّ هنالك عيّنة أو نواة من كلّ فئّة, تقوم بمهمّة صعبة تمّ توكيلها بها للقيام بدور" الكَفكير لتحريك الطبخة " ؟ ولأنّ نقاط الضعف بين الاخوة بدت واضحه فسهلت عمليّة كشف نقاط الضعف عند أولاد العّم ,الأمر الذي سهلّ عمليّة اختراق الغريب بدون تعب يُذكر ....
والمسألة الأكثر اثارة في الموضوع, هي أننّا نشعُر بنقمة كبيرة على العالم الغربي لأنهم ينعتونا بالمتخلفين والرّجعيين ! أنا أشعر بهذه النقمة أيضاً. ولكن لّو فكّرنا عميقاً بالأسباب التي تجعلهم يقولون عنّا هكذا , لوجدنا أننّا نحن من أوصل هذه الرسالة, لأننا نُطالب الأخرون في أن يحترموننا ونحن لا نحترم أحدنا الأخر , نرغب من كلّ العالم في أن يفهمنا ويتضامن معنا ,بل ويشعر بنا لأننّا مظلومين , ونسينا أن العالم يرانا ويسمعنا ويعلم أننّا لا نفهم بعضنا البعض ولا نحترم مشاعر وشعائر بعضنا , لا بل نسخر من كلّ ما هو ليس مثلنا وكأنّ كلّ واحد منّا أو كلّ ديانة وطائفة هي الأفضل ... وما يحدث اليوم للأسف , يُلغي كلّ شيء جميل وايجابي في كلّ عقيدة, ديانة وطائفة أيّ كان .أعزائي ,هذا لا يعني أنّ باقي الشعوب لا تعاني من نفس الوباء العنصري الطائفي أو العِرقي وغيره, ولكنهم لا يأبهون بما نقول عنهم . على عكسنا .وما يزيد من تأزّم الحلّ هو أننا نُعاني من مشكلة عدم الاصغاء لبعضنا البعض, وكلٌّ منّا مُنغلقٌ على فكرته وقانع بها , بالاضافة الى أننّا سرعان ما نقوم في بناء حاجز نفسي بيننا وبين الآخر المُختلف عنّا الأمر الذي جميعنا نعلم أنّه يمنعنا من أن نفهم ونتقبّل الآخر على ما هو . وما زلنا ننادي بأنه يُمكننا احترام ما يقوم به الآخر لكي نمنحه الفرصة ليحترم ما نقوم به نحن, في تبقى النظريات قيد الكلام وما نفعله ببعضنا هو تطبيق لعكس ما نقول بالحرف الواحد .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق